منظمة المدن العربية تشارك في الملتقى الإقليمي حول الحوكمة في مجال الثقافة

•    وزيرة الثقافة: تم إطلاق عدد من البرامج ضمن المقاربة الاستراتيجية لوزارة الشؤون الثقافية تتمثل في مراجعة منظومة الدعم العمومي على المستوى التشريعي والترتيبي والاجرائي
•    الصبيح: تفعيل معايير الحوكمة وتطبيقها في المؤسسات الثقافية لها دور في الارتقاء بالعمل المؤسسي الثقافي
•    الالكسو: للحوكمة الثقافية دور في تنفيذ مختلف المشاريع الثقافية والارتقاء بالثقافة كرافد من روافد التنمية في البلدان العربية

شاركت منظمة المدن العربية في الملتقى الإقليمي حول الحوكمة في مجال الثقافة تحت عنوان "الحوكمة الثقافية في الدول العربية" 12-14 مايو 2022 في مدينة سوسة التونسية بحضور عدد من الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي ومجموعة من مديري ورؤساء المنظمات الدولية والإقليمية وخبراء بالإضافة إلى عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الجمهورية التونسية. جاء تنظيم الملتقى في إطار التعاون بين وزارة الشؤون الثقافية التونسية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم"الالكسو. ودعما للعمل الثقافي العربي المشترك.
هدف الملتقى إلى تناول ومقارنة التجارب العربية في الحوكمة في قطاعي الثقافة والتراث والبحث عن السبل الفضلى لإرساء حوكمة ثقافية رشيدة قادرة على أن تكون رافعة للتنمية المستدامة ووسيلة لدعم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في الدول والمدن العربية.
وافتتح أعمال الملتقى بكلمة مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو"  الدكتور محمد ولد اعمر، القاها نيابة عنه نائبه الدكتور أحمدو حبيبي أشار إلى أنّ المنظمة تعمل على إطلاق مشروع عربي لقياس النزاهة والشفافية في القطاع الثقافي يكون مرجعية أساسية في وضع وتنفيذ السياسات المتكيفة مع احتياجات الدول العربية ودعم نظم الحوكمة المستدامة في مجال الثقافة. وأكد استعداد المنظمة لمرافقة الدول العربية ودعمها في تنفيذ السياسات المتعلقة بالحوكمة ومحاربة الفساد استنادا إلى عمليات ونظم مستنيرة وشفافة وتشاركية تساهم في تحسين شروط الولوج إلى الخدمة الثقافية وإدماج الثقافة في استراتيجيات التنمية المستدامة وتعزيز حرية الابداع والتفكير وإنشاء مجموعة متنوعة من السلع والخدمات الثقافية وتوسيع نطاق التعاون فيما بين الدول العربية من أجل تطوير الاقتصاد الإبداعي واشراك منظمات المجتمع المدني في صياغة وتنفيذ السياسات الثقافية.
وبيّن أهمية هذا الموضوع ودوره في تنفيذ مختلف المشاريع الثقافية والارتقاء بالثقافة كرافد من روافد التنمية في البلدان العربية مستعرضا رؤية المنظّمة ومُعبرا على أمله في دفع العمل العربي المشترك ومزيد تبادل التجارب العربية في حوكمة سياساتها الثقافية.


ثم القت وزيرة الشؤون الثقافية التونسية الدكتورة حياة قطاط القرمازي كلمة استعرضت خلالها التجربة التونسية في الحوكمة الثقافية والتي شكلت الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد 2016 – 2020 كإطار مرجعي تستند عليه وزارة الشؤون الثقافية وأشارت إلى أن خلال الفترة المذكورة تحققت جملة من الأهداف عبر الاتفاقية الاطارية بين الوزارة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد 2017-2020.
وقالت القرمازي: ضمن المقاربة الاستراتيجية للوزارة في الفترة الحالية فقد تم إطلاق عدد من البرامج تتمثل في مراجعة منظومة الدعم العمومي على المستوى التشريعي والترتيبي والاجرائي قصد إرساء مسارات شفافة وناجعة تضمن حسن التصرف في المال العام وتدفع المشاريع الواعدة لدى الشباب، بالإضافة إلى تكوين فريق يجمع المتدخلين في منظومة الدعم للقيام بمراجعات جذرية وتقديم حلول جريئة باعتماد التقنيات الحديثة والمنظومات المعلوماتية لضمان السرية والمساواة والشفافية في دراسة ملفات الترشح ومتابعة عملية اسناد المال العام.
ولفتت إلى أن المقاربة تشمل أيضا، مراجعة منظومة المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية والعمل على ابراز الخصوصيات الثقافية وتثميتها، إضافة إلى اعتماد سوسيولوجيا الجماهير حيث تم اعداد دراسة حول الممارسات الثقافية وكانت منطلقا لضبط برامج تحدد أنواع الجماهير ونوعية استهلاكها للثقافة، من أجل تحقيق الديمقراطية الثقافية وحق النفاذ للثقافة.
وأضافت الوزيرة: كما تم إطلاق برنامج “حوارات ثقافية” الذي يُعنى بكل المجالات الثقافية للخروج من دوائر الاختصاص وادراج الثقافة ضمن الشأن العام كي يشمل كل مكونات المجتمع وكل مظاهر الحياة.
واختتمت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي كلمتها مؤكدة أن النقلة المطلوبة تتمثل في تكريس ثقافة الحوار وفرص اللقاء حول مواضيع ذات اهتمام مشترك.

من جهته القى أمين عام منظمة المدن العربية المهندس احمد حمد الصبيح كلمة في الجلسة الأولى رفيعة المستوى أكد فيها أهمية تفعيل معايير الحوكمة وتطبيقها في المؤسسات الثقافية لما لها من دور في الارتقاء بالعمل المؤسسي الثقافي.
وقال: نحتاج إلى أدوات وآليات الحوكمة والأطر القانونية الضرورية لتفعيل مبادئها في الشأن الثقافي ودورها في تفعيل دور المؤسسات الثقافية في التنمية الشاملة، خاصة وأن اليوم نرى ارتباط السياسات التنموية بالسياسات الثقافية ما يحملنا مسؤولية حوكمة القطاع الثقافي.
إضافة إلى تعزيز دور الثقافة في التعريف بالحوكمة وتأصيل مفهومها في مختلف القطاعات مما يسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وصولا إلى تحقيق التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن عنوان المؤتمر الحوكمة الثقافية في الدول العربية يأتي منسجما مع تحقيق تطلعاتنا واهدافنا التنموية لما للحوكمة في القطاع الثقافي أثر في تفعيل المؤسسات الثقافية، التي تهدف إلى مواكبة التطورات والمتغيرات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في الحوكمة الرشيدة التي باتت مطلبا ضروريا للمؤسسات الثقافية المعاصرة القائمة على مبدأ المشاركة والشفافية.
وقال الصبيح: أن عقد المؤتمرات والملتقيات ذات الصلة بالقضايا الثقافية والحوكمة تسهم في تفعيل دور القطاع الثقافي في تطبيق مبادئ الحوكمة وايجاد علاقة قوية بين الحوكمة والتشريعات التي تنظم العمل الثقافي، وفقا لأعلى المعايير وأفضل الممارسات المهنية، الأمر الذي يساعد في خلق بيئة عمل نموذجية وظروف مثلى لنجاح وتميز المؤسسات العاملة في القطاع الثقافي، باعتباره أحد أهم وأبرز القطاعات الحيوية التي تشارك في عملية النهضة والتنمية المستدامة في الدول بشكل عام والمدن بشكل خاص.
ولفت إلى أن ايمان منظمة المدن العربية بدور وفاعلية العمل الثقافي في الارتقاء في المدن الذي كان وراء إنشاء مؤسسة مجموعة العمل الثقافي للمدن العربية في عمّان وهي احدى مؤسسات المنظمة التي تعنى بالعمل الثقافي بمفهومه الواسع .. والتي تعمل على تعزيز الثقافة كأحد الأركان الأساسية في بناء المجتمعات ونشر ثقافة الحوكمة، ومساعدة المؤسسات الثقافية على فهم مبادئ الحوكمة وإدراك أهميتها في التنظيم والإدارة بالشكل الأمثل، وذلك من أجل اتخاذ القرارات السليمة التي تمكن من تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وأضاف قائلاً: أن الحوكمة الثقافية هي أداة رقابية بل أداة لتنظيم العمل ووضع القواعد والتقييم والتوجيه على المستوى المؤسسي بالشكل المطلوب والمثالي مما يسهم في اتخاذ القرارات الصائبة ويعزز الثقة بين كافة الأطراف والقطاعات ويساهم في التنمية المستدامة. وهنا يبرز دور الفاعلين الثقافيين في صناعة الحالة الثقافية التي تعزز الحوكمة الثقافية وصياغة الخطة الشاملة للثقافة العربية المعاصرة ضمن استراتيجية قابلة للتطبيق في المجتمعات.
واختتم كلمته مؤكداً أن التعاون المشترك يسهم في تعزيز الثقافة ودورها في حماية المجتمعات وبناءها ونشر مفهوم الحوكمة الثقافية وصياغة الأفكار التي تعد حجر الأساس في الارتقاء برؤى معاصرة لواقع الثقافة.
من جانبه قدم مدير مكتب المغرب العربي لمنظمة اليونسكو كريم الهنديلي مداخلة في الجلسة الأولى رفيعة المستوى تطرق فيها إلى أهمية اعتبار الثقافة محركا للتنمية المستدامة وجعلها القاطرة التي تنبني عليها ركائز التطور البشري بصفة عامة.
ثم استعرض أهم مُخرجات التقرير العالمي للاقتصاد الإبداعي لسنة 2022 الذي احتوى على توصيات تؤكد على البعد الأفقي للثقافة باعتبارها شأن عام وأهمية تدعيم ميزانيات وزارات الثقافة والتدخل لفائدة الفنانين بعد أن أثبتت جائحة كورونا هشاشة وضعياتهم وتعزيز التشبيك في مجال الاقتصاد الإبداعي.
تضمن الملتقى  7 جلسات عمل تناولت مسائل الحوكمة الثقافية في الدول العربية، والحوكمة في مجال الثقافة: التوجهات والأهداف، والحوكمة الثقافية في الدول العربية: تجارب وعينات، وحوكمة المؤسسات الثقافية ودورها في تحقيق أهداف التنمية، والحوكمة الثقافية في الدول العربية: تجارب وعينات، الحوكمة وإدارة المشاريع الثقافية، ودور الحوكمة في حماية التراث الثقافي وتثمينه، وحوكمة الموارد ودورها في إدارة المؤسسات الثقافية، والحوكمة الثقافية في الدول العربية: تجارب وعينات.
اختتمت أعمال الملتقى بإصدار وثيقة “إعلان سوسة حول الحوكمة في مجال الثقافة" التي دعا المشاركون من خلالها إلى جملة من التدابير يستوجب التركيز عليها في الفترة الحالية، وهي خلق بيئة أكثر تحديا للتجاوزات في قطاع الثقافة وتعزيز ثقافة عمل تعتمد على الشفافية والمُساءلة والنزاهة، كذلك تطبيق معايير الشفافية في عمل المؤسسات الثقافية وتطوير قدرة وكفاءة المؤسسات الثقافية في مجال مكافحة الفساد على كافة المستويات، فضلا عن مراجعة وتقييم بيئة ونمط عمل المؤسسات الثقافية بهدف تشخيص نقاط الضعف التي قد تشكل فرصا لحدوث تجاوزات مع تعزيز نظم المساءلة ومبادئ الشفافية في عمل هذه المؤسسات.
أيضا دعا المشاركون إلى دعم تطوير معايير مالية وإدارية سليمة تكفل تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والعمل على تطوير مدونات السلوك تتضمن القواعد العامة التي تحكم علاقة المؤسسات الثقافية بالهيئات المرجعية، كذلك تطوير الحوكمة الرقمية القائمة في إدارة المؤسسات الثقافية، إلى جانب دعم وتعزيز دور المجتمع المدني في عمليات صياغة السياسات الثقافية.
وقد تضمن هذا الإعلان أيضا، جملة من التوصيات أهمها وضع خطة عمل لتعزيز ثقافة الحوكمة داخل المؤسسات الثقافية وعرضها على أنظار اللجنة الدائمة للثقافة العربية، وإطلاق المشروع العربي لقياس النزاهة والشفافية في قطاع الثقافة تحت إشراف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو" إلى جانب، إصدار دليل عربي لقياس النزاهة وإنشاء شبكة عربية أو مرصد لحوكمة الثقافة تهدف إلى تشبيك القدرات العربية وتبادل التجارب.