172
نيويورك، أو تتمدد أفقيا مع الوضع في الحسبان تلك النسبة بين الخاص والعام، وبين مصالح التجار من أهل المولات، وبينمصالح البشر من المشاة ممن يعيشون ويتجوّلون في المدينة. وروا أماكن السكك الحديدية، � في نيويورك ط ى حدائق عامة، أما � التي توقفت عن العمل إل عندنا، في النظرية على ما يبدو، أن نواة المدينة ادرا ما � هو المول التجاري المغلق في بلدان ن ه الفارق بين تفكير الحرية، � يزورها المطر. إن حرية الناس في أن يكون لها ممشى وكرسي في متنزهات المدينة، وبين دول ترى أن المول هو الاقتصاد وهو حياة المدينة، فارق بين مدن رى أساسها الاجتماع �� أساسها الاقتصاد، وأخ والسياسة. بينمـا تــرى نيويــورك تصــارع نفسهـا مـع زيادة عدد الكراسي الثابتة على نهر الهيدسون وفي المتنــزهــات، ترى القاهــرة تهمــل الكـورنيـش وتحولــه إلى أنديــة خاصة للضباط من الجيش والشرطــة وللقضـاة، وحتـى المحاميـن، كلهـا بطول شريط النيل. وبهذا يغلق المكان العام لمصلحة المكان الخاص. فلا تتوقع ديمقراطيةفي القاهرة، حيثالأماكن المغلقة، وجور المصلحة الخاصةعلى المصلحة العامة، وتآكل الأماكن العامة لمصلحة الأماكن الخاصة. ة، بل � ام � ة المغلقة لا تنتج سياسة ع � دي � الأن سياسة خاصة. فمهما تحدثت النقابات عن الديمقراطية في مصر، فلا ديمقراطية عندما يكون لنقابتك أو جماعتك نادٍ خاص على النيل على حساب الكورنيش العام، ناديك الخاص بني على مكان كرسي متحرك أو كنبة ثابتة لمواطن من أهل المدينة. «طلع لنا في المقدر»، كما نقول بالعامية، قوم يرون في دن. هذه �� ان وم �� المولات والاستثمار التجاري بناءً لأوط ) أو مستهلكين customers الرؤية التي ترى الناس زبائن ( تختلف تماما عن رؤية الدولة التي ترى السكان مواطنين، لهم حق في حرية الحركة والمشي في مدنهم، لهم حقوق وعليهمواجبات. حقوق مدنية لا تجارية. إن أخطر ما يحدث لمدننا اليوم، هي تلك العقلية التي ترى التنمية نموا اقتصاديا. الدول تبنى بالبشر وثقافتهم وحركتهم فيها. هذه الرؤية تنتج مستهلكا لا مواطنا. ش» وبين �� معركتنا في العالم العربي ليست بين «داع ش» �� ول التجاري والمتنزه. «داع � م � ل بين ال � المدنية، ب والآيدولوجيات المغلقة هي نتاج الأماكن المغلقة. المدنية هي نتيجة المدن المفتوحة المفعمة بالحركة الحرة ذي يسمح � ك الكرسي المتحرك، ال � والحياة المدنية وذل لها بحرية القرب والبعد ممن هم حولنا. الديمقراطية أساسها تلك العلاقات الحرة في المساحات المفتوحة؛ ففي انفتاح المكان العام انفتاح للعقل، وفي ضيق المكان وانغلاقه، انغلاق للعقلوالروح معا. توقع انفتاحا من المدن المفتوحة والحيّة، أما المدن المغلقة والميتة فمهما كان نموها الاقتصادي فلا تنتج إلا الأماكن الخانقة. توقع في مصر مثلا ديمقراطية عندما ترى الكراسي مليئة بالبشر على كورنيش النيل بطول القطر وعرضه، أما إذا وجدت مكان الكورنيش أندية مغلقة؛ فلا تحتاج إلى ذكاء شديد لتدرك أنك في مكان مغلق، مهما قيل لك. المعادلة بسيطة والملاحظة بسيطة، لا تحتاج إلى كثير من الشرح أو السفسطة. 73 172 العدد
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI2MTI5NQ==