180

73 180 المدينة العربية / العدد من توافر المياه وتعزز الطلب على الطاقة أكثر من ذلك، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة يصعب كسرها. في الواقع، يتطلب تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء وتحقيق الأهداف الوطنية لإنتاج الوقود الحيوي وأنواع الوقود البديلة الأخرى زيادة أكثر من الضعف في الاستخدام العالمي للمياه لإنتاج الطاقة خلال ربع القرن القادم. الطريقة الوحيدة لكسر هـذه الـــدورة- وبالتالي التخفيف من تغير المناخ بشكل فعال- هي إدارة العلاقة بين الماء والطاقة (بالإضافة إلى الغذاء الذي يعتمد إنتاجه على الماء والطاقة). بعبارة أخرى يجب على الدول أن تتخذ خيارات في مجال الطاقة لا تكون أقل كثافة في استخدام الكربون فحسب، بل إنها أقل كثافة في استهلاك المياه. يشكل تغير المناخ بلا شك تهديداً قوياً- بل وجودياً- على كوكب الأرض، ولكن النهج الحالي للتخفيف من حدته، والذي يعكس تركيزا فريدا على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إلحاق ضرر جسيم، حيث يخفق في تفسير استنفاد موارد الطاقة، ويساهم بشكل رئيس في تغير المناخ. “إن المياه هي في صميم أسباب وآثار تغير المناخ»، وفقا لتقرير مجلس الموارد الوطنية، وبالفعل فإن حلقة المياه- عمليات هطول الأمطار والتبخر والتجميد والذوبان والتكثيف التي تنقل المياه من السحب إلى اليابسة إلى المحيط والعكس- ترتبط ارتباطا وثيقا بتبادل الطاقة بين الأرض والمحيط والغلاف الجوي الذي يقوم بتحديد مناخ الأرض. فكما أن تراكم الكربون في الغلاف الجوي يسهم في تغير المناخ، كذلك يساهم تدهور موارد المياه ونفادها في ذلك، وهذه العمليات يعزز بعضها بعضا، ويدفع ويكثف بعضها بعضا. يتطلب استخراج الطاقة والمعالجة (بما في ذلك التكرير) والإنتاج استخدام المياه بكثافة، فقطاع الطاقة هو أكبر مستهلك للمياه في كل دولة متقدمة باستثناء أستراليا، حيث تأتي الزراعة، كما هي الحال في معظم البلدان النامية، في الدرجة الأولى، ففي الاتحاد 44٪ الأوروبي، تمثل محطات توليد الكهرباء وحدها من مجموع المياه العذبة المستهلكة كل عام، وفي .41٪ الولايات المتحدة هذا الرقم يناهز وكلما ازدادت الموارد المائية صعوبة ازداد الطلب على قطاع المياه، حيث يجب ضخ المياه الجوفية من أعماق أكبر، ويجب نقل المياه السطحية عبر مسافات أطول. في الهند، على سبيل المثال، تضم الطاقة الآن من تكلفة المياه الجوفية. 90٪ نحو وبما أن هذه العمليات تغذي تقلب المناخ، فإنها تقلل مع توتر إمـدادات المياه العالمية لا يمكن أن يكون التحول إلى استخدام الطاقة الذكية في مجال الطاقة أكثر إلحاحا، إذ يواجه ثلثا سكان العالم- خصوصا في وسط وجنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا- نقصا خطيرا في المياه. فآسيا- أكبر محرك لزيادة الطلب العالمي على الطاقة- هي أيضاً القارة الأكثر جفافاً في العالم، والتي تقاس بمدى توافر المياه للفرد الواحد. في هذه المناطق المجهدة بالمياه، بدأ النقص بالفعل في تقييد التوسع في البنية التحتية للطاقة، أحد الأسباب المهمة وراء فشل الصين في تطوير صناعة الهيدروكربون الصخرية لديها هو عدم كفاية المياه في المناطق التي توجد فيها مخزوناتها. (لاستخراج الطاقة من الصخر الزيتي، يجب إطلاق ملايين الغالونات من الماء عليه).

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI2MTI5NQ==