181

83 181 المدينة العربية / العدد على تلقي الخدمات بأساليب جديدة، حتى يتم إدراك ثمار التنمية للكافة. فالمدن الذكية تهدف إلى تحقيق ثلاث أولويات، يتمثل أولها في تحقيق الكفاءة في أنشطة المدينة كافة، وذلك باستخدام قواعد البيانات الكبيرة وتحليلها بما يجعل تقديم الخدمات العامة، كالرعاية الصحية والتعليم والمواصلات، ملبياً لاحتياجات الناس ومتجاوباً مع توقعاتهم المتزايدة في تحسينها. والأولوية الثانية تجعل من المدينة مركزاً متكاملاً للتطوير والابتكار، يزيد من فرص التعاون بين سكانها ومؤسساتها العامة والخاصة بما ييسر توفير الخدمات بأقل تكلفة ممكنة وأقل فاقد اقتصادي. والأولوية الثالثة هي أن تشمل الخدمات السكان كافة دون استبعاد لأيهم، وذلك بضمان أن يتم تقديم الخدمات بشفافية وفق قواعد متعارف عليها للحوكمة، وتقييم الأداء وفاعلية اتخاذ القرار. ويُعد تحقيق هذه الأولويات تطبيقاً متطوراً لنهج محلية التنمية، تترجم من خلاله الأهداف، التي يتم التعهد بإنجازها على المستويين الدولي والقومي، إلى وقد تم استخدام نظم متطورة للتمويل تعتمد على المشاركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، وكذلك على تمويل من شركات رأس المال المخاطر ثم الطرح العام في البورصات في مراحل مختلفة من التمويل. كما تشهد مدن عدة في مختلف بقاع العالم، مثل بريشتينا عاصمة كوسوفو، وتيرانا عاصمة ألبانيا، ومدايين في كولومبيا ومدينتي سمارانج ودينباسار في إندونيسيا استخداماً متطوراً للذكاء الاصطناعي، وقواعد البيانات الكبرى في تطوير خدماتها. وتشهد هذه المدن تزايداً في الاستعانة بمسوح الأقمار الصناعية للتخطيط لهذه المدن وتحديث المعلومات المساحية للأراضي لتنظيم استخداماتها وفقاً لأولويات التنمية ومراعاة الاعتبارات الاقتصادية وقواعد العدالة في تطبيقها. فالمدن الذكية لا يتوقف الابتكار والتطوير فيها عند قطاع بعينه، أو فئة محدودة من مجتمعاتها، بل هو نظام شامل ومتكامل تتضافر فيه نظم الإدارة الحكومية مع الشركات الخاصة، وإقبال عموم الناس برامج عملية تنفذ حيث يعيش الناس ويعملون في المدن وأحيائها. ويستلزم هذا الأمر الاستناد إلى قواعد للبيانات والمعلومات تيسر من التخطيط واتخاذ القرار ومتابعة تنفيذه، كما يلزمه مصادر للتمويل تتوفر على مستوى المدن والسلطات المحلية للإنفاق على الخدمات الحيوية وفقاً لموازنات تترجم الأولويات ومؤسسات منضبطة تنفذها. وغني عن التأكيد أن المدن لا توصف بالذكية لمجرد اقتنائها أجهزة ومعدات وتقنيات حديثة، لكن بما تحظى به من بشر مؤهلين للتعامل مع مستحدثات تكنولوجيا العصر وتطويرها بما ينفعهم. وفي هذا الشأن يبرز دور نظام التعليم، على أن يكون هذا النظام متطوراً خلاقاً يزكي المعرفة ويصقل المهارات بما يحقق الاستفادة من مستجدات التكنولوجيا في مدن المستقبل. فالمدن تتحقق لها التنمية بأهلها وتقدمهم، وليس بكثرة ما تقتني من أشياء أنتجها غيرها، وإن وُصفت بالذكية. النائب الأول لرئيس البنك الدولي * الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي البنك الدولي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI2MTI5NQ==