المؤتمر العربي للمدن المستدامة في صلالة: تمكين شركاء الاستدامة في تطوير المدن

نظمت بلدية ظفار العمانية "المؤتمر العربي للمدن المستدامة.. تمكين شركاء الاستدامة في تطوير المدن (مدينتنا مسؤوليتنا)" بالتعاون مع الرعاية الأولى لتنظيم المؤتمرات ومع شركائها الاستراتيجيين منظمة المدن العربية والمعهد العربي للتخطيط 12-13 سبتمبر 2018 في مدينة صلالة بسلطنة عُمان.
جاء انعقاد المؤتمر لتفعيل دور التنمية المستدامة الشاملة وبناء شراكات استراتيجية بين القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومناقشة قضايا ومعوقات بناء وتطوير المدن المستدامة وفاعلية المجالس البلدية والإدارات المحلية وأساليب رفع مستوى أدائها من خلال أحدث التجارب والأدوات والاستراتيجيات ضمن الأبعاد التشريعية التنظيمية والمالية والتكنولوجية.
افتتحت فعاليات المؤتمر في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بحضور رئيس بلدية ظفار الشيخ سالم بن عوفيت بن عبدالله الشنفري وبمشاركة نخبة من الساسة وصناع القرار ورؤساء بلديات وخبراء وباحثين وأكاديميين واقتصاديين من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني وشركاء التنمية.


ألقى نائب رئيس بلدية ظفار المهندس عبدالقادر بن أحمد علوي الحداد كلمة البلدية قال فيها: إن الجهود الحكومية المبذولة وغيرها من الأنشطة التطوعية المدنية والمجتمعية وبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات وهي بكل تأكيد نهج وطني مقدر ومحمود بيد أنها لا تزال بحاجة للتضافر والتكامل فيما بينها وتوحيدا للجهود والطاقات تحقيقا لمصالح الجميع وهو ما أخذته بعين الاعتبار الرؤى النيرة والتوجيهات السديدة للقيادة في سلطنة عُمان في كافة الخطط وبرامج التنمية المتعاقبة فكان ثمار ذلك اليوم مظلة تنموية بشرية واجتماعية عمت التجمعات السكانية في المدن والقرى والسهول والجبال وبطون الأودية والصحاري الواسعة رغم اتساع الأرجاء وصعوبة التضاريس.
أكد أمين عام منظمة المدن العربية المهندس احمد حمد الصبيح في كلمته أن  المدن في عالم اليوم هي المحرك الأساسي للتنمية المستدامة و أن  البلديات وإدارات الحكم المحلي هي مولدات الحركة لشركاء الاستدامة وقال:" أن ظاهرة التحضر من أهم أشكال اتساع المدن ونموها .. ولذلك لابد من أن نعمل معاً ، لتطبيق مفاهيم الاستدامة لتظل عملية التنمية متواصلة ومستدامة.
واشار الصبيح إلى أن التحضر السليم والجيد، عملية سياسية لها متطلبات فنية .. و أن المدن من أشد البيئات تأثراً بمشكلات النمو الحضري المتزايد .. وأن الإدارة الجيدة تحقق الاستدامة والنمو الشامل ... وإذا تحققت الاستدامة جذبت الاستثمارات والمشروعات وهذا امر جيد للمجتمع .
ولفت الصبيح إلى ما تقوم به منظمة المدن العربية والمؤسسات التابعة من خطط واستراتيجيات تعمل على تنفيذ أجندة التنمية المستدامة وخاصة البند الحادي عشر وهو إقامة مدن أمنة وشاملة ودامجة ومستدامة.. وقال:" التزمت منظمتنا مع شركائها الإقليميين والدوليين ذات الصلة بقضايا المدن والساكنين... بخارطة طريق اعتمدتها مدننا العربية في المؤتمر العام السادس عشر الذي انعقد في المنامة بمملكة البحرين 2016."
من جهته أشار مدير عام المعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر عثمان مال الله إلى أهمية توحيد وتضافر الجهود والطاقات والرؤى للدفع بمسيرة التنمية المستدامة بخطوات كبيرة . ولفت إلى أن نموذج التنمية في الدول العربية خلال خمس عقود مبني على دور الدولة في تقديم الخدمات  وعليه يجب تفعيل الشراكة  والتحرك في هذا الاتجاه ..علينا أن نعي جميعا فكراً وممارسة  أن دون الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص والمواطن والمجتمع المدني  والمجلس الدولي لن تتحقق أهداف التنمية.
وأشار إلى التقدم الذي حققته بعض المدن العربية في عدة مجالات حيوية اقتصاديا وتجاريا مثل دبي ومسقط والمنامة  والكويت  حيث وضع تقرير نوعية جودة الحياة الكويت بمصاف الدول المتقدمة في مجال جودة الحياة والأمان والأمن الاجتماعي. واختتم د. مال الله كلمته مؤكداً أن الشراكة مسؤلية كبيرة ... كما أن بناء المدن مسؤوليتنا جميعاً.
وأشار رئيس مجلس الرعاية الأولى لتنظيم المؤتمرات والندوات الشيخ نايف الشنفري إلى أهمية انعقاد المؤتمر ودوره في عرض ومناقشة العديد من الأوراق البحثية التي سلطت الضوء على مختلف الموضوعات المتعلقة بمنظومة التنمية المستدامة في المدن العصرية ودور القطاع الخاص في الاستثمار وتطوير المدن، و الحديث عن دور المجالس البلدية كمولدات الحركة لشركاء الاستدامة وغيرها من الموضوعات الأخرى. واعتبر المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين المدن والاستفادة من نجاحات مدن عربية في مجال التنمية.
و تم تقديم عرض مرئي عن المؤتمر تضمن الحديث عن التطور الملحوظ في معدلات النمو السكاني والتباين في أوجه التنمية العمرانية وانعكاسات التغير المناخي العالمي والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بطالة وفقر وشح في الموارد وأزمات الطاقة وبدائلها.
توزع المؤتمر على خمس جلسات تناولت أهم قضايا التنمية المستدامة والخطط والاستراتيجيات التي من شأنها تحقيق أهداف التنمية.
انعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان " منظومة التنمية المستدامة في المدن" وتطرق المتحدثون إلى عدة موضوعات من بينها التخطيط الاستراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة، ودور المدن الذكية في تعزيز التنمية المستدامة في ورقة عمل قدمتها مدير عام المنتدى العربي للمدن الذكية م. جمانة عطيات والاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية.
وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "البلديات مولدات الحركة لشركاء الاستدامة" وتطرقت إلى المبادرات الريادية والابداعية في المجالس البلدية لتحسين الخدمات وخلق الروح التنافسية وتحقيق الاستدامة.
أما الجلسة الثالثة تناولت "دور القطاع الخاص في الاستثمار وتطوير المدن"  سياسات التمويل الاخضر واساليب وانماط تنمية الموارد الذاتية حيث تم عرض  حالة بعض الدول العربية  بالإضافة إلى مساهمة المستثمرين في قطاع الاسكان . والجلسة الرابعة" الطاقات المتجددة منظور استراتيجي لإدارة المدن" تطرق المتحدثون إلى  التحديات المستقبلية لانظمة القوى الكهربائية والأبنية الخضراء مستقبل الإعمار وعناصر استراتيجية الطاقة المتجددة، وتجارب الطاقة المتجددة في المدن العربية.
وجاءت الجلسة الخامسة بعنوان "تجارب ونماذج قصص نجاح" حيث  تم استعراض تجربة بلدية ظفار  في مواجهة اعصار ميكونو  و وادي حنيفة و وادي السلى في الرياض وإعادة احياء وتطوير البلدة القديمة في مدينة الخليل، وتجربة ابو ظبي  في وضع خارطة طريق استدامة البنية التحتية.
التوصيات
خرج المؤتمر العربي للمدن المستدامة.. تمكين شركاء الاستدامة في تطوير المدن (مدينتنا مسؤوليتنا)، بعدد من التوصيات أهمها التأكيد على أن المدن هي المحرك الأساسي للتنمية المستدامة وأن البلديات وإدارات الحكم المحلي هي مولدات الحركة لشركاء الاستدامة، وأكد على دور المدن الذكية في تعزيز التنمية المستدامة وكيف يمكن للمدن أن تكون فعالة ومبدعة في تحسين الخدمات وتنظيم الشراكات المستدامة المدن، إلى جانب التأكيد على دور الإدارات المحلية والبلديات في استحداث تحولات هيكلية من خلال مداخل وأساليب جديدة للتخطيط العمراني والتنموي، كما أوصى المؤتمر بتفعيل الاستراتيجيات الخاصة بالطاقة المتجددة من خلال اتخاذ خطوات عملية وملموسة لتطوير التشريعات والأنظمة والقوانين ذات العلاقة، بالإضافة إلى إيجاد حوافز ودعم مشاريع الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية، وكذلك تهيئة بيئة استثمارية محفزة للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والاستفادة من الخبرات العربية، وتوظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في دعم استراتيجيات تطوير المدن واستدامتها، وحث المؤتمر على ضرورة العمل على تحفيز إنشاء الشراكات الفاعلة بين البلديات والمطور بما يؤدي إلى توجيه النمو العمراني وضبطه وفق الخطط الاستراتيجيات الحضرية وتأمين السكن الملائم لمختلف فئات المجتمع، والتأكيد على فاعلية البلديات في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية وتشجيع المبادرات الابتكارية والابداعية الريادية نحو إيجاد مدن ذكية ومستدامة.
وأوصى المؤتمر بأن يعقد بشكل دوري ليكون ساحة لتبادل الآراء واختيار الطريق الأفضل لتنظيم حياة الناس في المدن والحواضر والأرياف وبمشاركة أوسع للقطاع العام والخاص. كما أقر المؤتمر انعقاده في الدورة الثانية في العام القادم 2019 بمدينة صلالة.